"ست الشاي" اسم يطلق على المرأة أو الفتاة التي تبيع الشاي والقهوة في السودان.. الظروف المعيشية الصعبة، والفقر المدقع، وتهجير النساء من العمل الرسمي، هو في الأرجح الذي دفع بعض النساء إلى امتهان هذا العمل، الذي تحاول السلطات الحد منه، من خلال المداهمات التي تقوم بها من وقت إلى آخر. وأصبحت "ست الشاي" من المعالم المميزة للمدن السودانية. وبحسب أرقام رسمية في السودان، تعمل قرابة 15 ألف امرأة في تقديم مشروب الشاي.
أصل التسمية
كلمة "ست الشاي" مركبة من الكلمتين ست بمعنى سيدة وهي من الكلمات المولدة في اللغة العربية ونفس الكلمة تطلق على المرأة في اللغة الأمهرية وكثير من اللغات السامية الإثيوبية، واللغات العامية العربية خاصة المصرية، وكلمة الشاي وهو المشروب المنبه المعروف.
هذه المهنة التي أصبحت الملجأ الوحيد لكثيرات، تحولت الآن إلى مصدر تنافس كبير بين العاملات فيها، بعد أن ازداد عددهن كثيرا فأصبحت لكل واحدة منهن طريقتها في تقديم الخدمة واختيار المقاعد والزينة والنظافة لاستقطاب زبائن أكثر، وأصبحت هذه الظاهرة من سمات شوارع السودان وطرقاتها العامة، ومحط تجمع بين الأصدقاء والزملاء والعمال.
مهنة جاذبة للمرأة
كانت مهنة "ست الشاي" فيما مضى تحتكرها النساء المسنات الفقيرات من الأرامل والمطلقات غالبا وكانت تجارتهن تقتصر على بيع الشاي والقهوة وأحيانا بعض المشروبات الساخنة الأخرى مثل الحلبة والكركدي والحرجل، وفيما بعد أصبحت مهنة ست الشاي جاذبة للفتيات الشابات الفقيرات واللاتي لم يحصلن على تعليم كاف.
و"ست شاي" لا تبيع الشاي فقط بل تبيع معه القهوة والمشروبات الساخنة الأخرى، وفيما بعد أصبحت ست الشاي تقدم العصائر الباردة أيضا، حيث شهدت المهنة تطورًا كبيرًا في طريقة التقديم والعرض، كما أن هناك بعض بائعات الشاي ممن يحملن درجات جامعية أيضا.
حكاية "ست الشاي"
بدأت ظاهرة "ست الشاي" في السودان تأخذ أهميتها في فترة منتصف التسعينات وبداية الألفية الثالثة وأدى لفت الانتباه إلى ست الشاي كظاهرة اجتماعية تشكل تجمعا عفويا لعدد كثير من المواطنين خاصة من الشباب وكانت التجمعات وقتها محظورة بموجب القانون السوداني.
وأصبح المجتمع السوداني في تلك الفترة ينظر بنوع من الريبة والتشكيك الأخلاقي في بائعات الشاي، وصدرت عدة قرارات حكومية بخصوصهن أشهرها القرار الذي صدر في التسعينات بإلزام كل بائعات الشاي بلبس الجوارب لتغطية أرجلهن، وأصبح هذا القرار محل سخرية لكثير من السودانيين.
أقصى مرحلة من العداء بين الحكومة و"ستات الشاي" كانت عندما وصف حاكم الخرطوم الدكتور مبارك الكودة ستات الشاي بالعاهرات في مؤتمر صحفي شهير وقد أدى هذا التصريح إلى تعرض الدكتور الكودة لانتقادات عنيفة من المعارضة السودانية ومن بعض كبار كتاب الصحف السودانية.
بعد هذا التصريح بفترة قليلة أصدر والي الخرطوم حينها الدكتور عبد الحليم المتعافي قرارا باعفاء الدكتور الكودة من منصبه، علق بعض السودانيين في المنتديات الإلكترونية أن هذا استجابة لدعوات ستات الشاي.
وحاليا تسعى الجهات الأمنية السودانية المختصة إلى مكافحة هذه الظاهرة، وتلاحق ستات الشاي يوميا خوفا من التجمعات السياسية إذ تجد الفتيات والسيدات أنفسهن محاصرات فجأة بسيارات ضخمة، تحمل أدوات العمل الخاصة بهن وتصادرها، واسترجاع هذه الأدوات يكلّف الستات مبالغ طائلة.
النظرة الاجتماعية
تغيرت النظرة الاجتماعية لـ"ستات الشاي"، ما دفع الحكومة السودانية إلى التعامل بواقعية أكبر معهن، حيث أصبحت مهنة ست الشاي معترف بها رسميا ويتم العمل فيها بترخيص من السلطات المحلية، بل إن اتحاد المرأة السوداني المحسوب على السلطة في السودان قد طالب الحكومة السودانية برعايتهن، كما تصدى عدد من المثقفين السودانيين لظاهرة الاحتقار الرسمي والاجتماعي لستات الشاي ودافعوا عنهن بمنتهى القوة.
ورغم ذلك لا تزال ثقافة احتقار ستات الشاي تتردد أصداءها بصورة خافتة قليلاً، خاصة بعد ظهور بائعات الشاي الأجنبيات خاصة الإثيوبيات والإريتريات، ولكن عموما أصبحت مهنة ست الشاي مقبولة اجتماعيا ومحترمة على نطاق واسع، والمحتقرين لستات الشاي في الغالب من المنتمين للتيارات المحافظة والتي لبعضها رأي في عمل المرأة عموما في أي مهنة.
الوضع القانوني
هناك كثير من "ستات الشاي" يعملن بموجب رخص إدارية يتم استخراجها من السلطات السودانية المحلية المختصة بذلك، ويدفعن الضرائب والرسوم الإدارية، وهذا الوضع منطبق حتى على الأجنبيات المقيمات بصورة شرعية وحاصلات على تصريح عمل بالسودان.
معظم ستات الشاي يعملن بعيدا عن هذه الإجراءات التي غالبا ما يتبعها بيروقراطية صارمة وفساد إداري، وتقوم السلطات المحلية بحملات للقبض على بائعات الشاي اللواتي لا يعملن وفقا لهذه الشروط.
في 24 سبتمبر 2012 أصدر معتمد مدينة الخرطوم قرارا إداريا يقضي بحظر بيع الأجنبيات للشاي، وتضاربت الآراء حول القرار بين مؤيد ومعارض، واعتبره البعض قرارا عنصريا.